الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

من مراسلات الفتح

من كتاباتى بجريدة الفتح الأسبوعية

الإسلاموفوبيا ( 2 )

 


جذور العنصرية فى الغرب .




*بقلم - أحمد محمد النحاس



تحدثت اليكم فى مقالى السابق عن تاصيل مرض الإسلاموفوبيا وحتى نتداركه جيدا فأعود اليكم بسرد لجذور العنصرية الغربية وأول ما أبدا به هى العنصرية فى الفكر اليونانى القديم .

فان الباحثون يسلمون بأن العنصرية – العرقية والثقافية – ظاهرة اجتماعية قديمة جدا فى المجتمعات البشرية , والثقافة الغربية فى العصر الحديث لها أصولها  القديمة, وهى :
- الثقافة اليونانية القديمة , من فلسفة ودساتير وفنون .
-الثقافة العبرية التوراتية .
-الثقافة الرومانية والمسيحية .
-الثقافة الأوروبية الحديثة .
ومن تفاعل هذه الأصول نشات الثقافة الغربية الراهنة بما تنطوى عليه من عنصرية ثقافية , واستعلاء عرقى , وتيارات انسانية مضادة لكل تلك التوجهات .
ومرض كراهية الإسلام ( الإسلاموفوبيا ) هو افراز للعنصرية والاستعلاء .

كانت العنصرية والإستعلاء العرقى من السمات البارزة فى الفكر اليونانى القديم وفى المجتمع اليونانى القديم أيضا . فعندهم كان اليونانيون هم السادة , الذين خلقوا للأمر والنهى , وغير اليونانيين هم العبيد الذين خلقوا لطاعة السادة وخدمتهم .

وعندما تنظر لأمثال هؤلاء تقرأ لأرسطو فترى انه حاول تسويغ العنصرية الممقوتة ,على الرغم من وجود الفكرة المضادة الصائبة التى تقول إن العبد عبد بسبب الرق , لا بالطبع , وأن السيد سيد بسبب ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية وأنه يمكن أن يصير عبدا إذا وقع فى الأسر , بل إن بعض اليونانيين كانوا عبيدا .

زعم أرسطو أن الطبيعة
(( وهى ترمى إلى الإبقاء هى التى خلقت بعض الكائنات للإمة وبعضها للطاعة , إنما هى التى ارادت أن الكائن الموصوف بالعقل والتبصير يأمر بوصفه سيدا , كما أن الطبيعة هى أيضا التى أرادت أن الكائن الكفء بخصائصه الجثمانية لتنفيذ الأوامر يطيع بوصفه عبدا , وبهذا تمتزج منفعة السيد ومنفعة العبد )) (1)

-وعند أرسطو غير الونانيين متوحشون : (( وعند المتوحشين المرأة والعبد هما كائنان من طبقة واحدة , والسبب فى ذلك بسيط , وهو أن الطبع لم يجعل بينهم ألبتة من كائن للإمرة , فليس فيهم حقا إلا من عبد وأمة . ولم ينخدع الشعراء إذ يقولون : (( أجل , للإغريقى على المتوحش حق الإمرة )) . (2)

وهذا هو التسويغ الزائف لعنصرية أرسطو : إن الطبيعة هى التى جعلت اليونانيين سادة لكل أمم الأرض , وجعلت كل أمم الأرض عبيدا لهم  ! ومن واجب العبيد أن يطيعوا أوامر السادة !! .

ولا ريب أن أرسطو بما كان له من مكانة سامية عند مريدية كان له أثر كبير فى تشكيل العنصرية فى العصور التالية , وإلى العصر الحديث .

_____________________________________________
* أزهرى مصرى

(1) أرسطو , السياسة , ك1 . ب1 . ف4 . ( ترجمة أحمد لطفى السيد )
(2) نفسه , ف5 .

بحث هذه المدونة الإلكترونية